إذاعة BBC

ابحث فى مدونتى

form method="get" action="/search" id="search">

الخميس، 19 أبريل 2012

الغابات


تكوين الغابات و تقسيمها وتوزيعها في العالم
أولاً: التعاقب النباتي وتكوين الغابات الطبيعية
كثير من المجتمعات النباتية الطبيعية تبقى كما هي طالما تقطع أو ترعى بانتظام، و لكن لو توقفت هذه الأنشطة فإن أنواع نباتية أخرى قد تبدأ في غزو المكان و تحل محل المجتمع النباتي الأصلي. فإزالة بعض العوامل البيئية المحيطة بأنواع نباتية معينة في مكان ما تحول الاتزان إلى مصلحة أنواع نباتية أخرى، و هذه الأخيرة بنموها و إنتاجها للبذور تؤدي إلى هلاك الأنواع السابقة لها في ذلك المكان. على سبيل المثال ينمو الـ  gray birchجيداً في الأماكن المشمسة فقط، و هذا يمنع  بادراته الصغيرة من النمو بصورة جيدة، بينما يسمح لبادرات الصنوبر الأبيض بالنمو. و عندما تنضج بادرات الصنوبر الأبيض تلقي بظلالها الكثيفة على بادرات   gray birchو التى لا تستطيع البقاء طويلاً في هذه المنطقة. و بهذا يمكن لإحدى العشائر النباتية تغيير البيئة بطريقة غير محببة لبعض العشائر النباتية الأخرى فتحل محلها، و هو ما يعرف بالتعاقب الثانوي secondary succession . و هناك التعاقب الأولي primary succession ويطلق على غزو النباتات لمنطقة لم ينمو بها نبات من قبل، مثل الصخور العارية xerarch  succession  أو البحيرات الجديدة الناتجة من ذوبان الجليد. و في التعاقب الأولي، على النباتات أن تنشئ تربتها خلال عملية تحتاج إلى وقت طويل قد يصل إلى مئات أو آلاف السنين.
 و تبدأ عملية التعاقب بمجرد تكون قطعة من التربة قادرة على تثبيت النبات بها. و تعرض الصخور لذوبان الجليد و تكوين الشواطئ عند حواف المحيطات و البحار و البحيرات و الردم المتدرج للتجمعات المائية (البرك)، كل ذلك ينتج عنه أرض جديدة يحتلها النبات. و يمكن فهم الطريقة التى يتم بها التعاقب الأولي بدراسة تعاقب النباتات التي تظهر على الصخور العارية في الجزء البارد من غابات المناطق المعتدلة متساقطة الأوراق. فأول أنواع النباتات التي تستعمر الصخور العارية هي الأشنات وبعض الطحالب، و تقوم الأحماض التى تفرزها الأشنات بمهاجمة الصخرة فتؤدي إلى تكون جزء مفتت من التربة. و قد تتشكل أجزاء أخرى من التربة بواسطة التعرية أو بالانتقال إلى الصخرة من مكان ما و تبيت في شقوقها، في حين تتسبب الأضرار التى تصيب الأشنات و تؤدي إلي تحللها في تكون الدبال. و في وقت قصير نسبياً تظهر تربة كافية في شقوق الصخرة تسمح بنمو طحالب أخرى، و هذه تنتج نمواً جديداً في كل موسم، و يتحلل النمو القديم فتنتج كميات إضافية من الدبال. و بعد فترة قصيرة تظهر تربة كافية لنمو الحشائش، وأخيراً تربة مناسبة لنمو شجيرات قصيرة كالعنيبات blueberries،  و هذه بالتالي توفر ظروفاً بيئيّة جيدة لإنبات بذور أنواع سريعة النمو محبة للشمس مثل أشجار القضبان birch والحور poplar . و بعد ذلك يحل الصنوبر الأبيض محل هذه الأنواع قصيرة الحياة كما ذكر سابقاً. وتحت الظل الكثيف للصنوبر الأبيض تزدهر فقط بادرات القيقب Maple  و الزان beech المحبة للظل، و عندما تستقر هذه الأشجار الكبيرة يصل التعاقب إلى نهايته، و تظل بادراتها في المستقبل قادرة على التطور تحت الظروف التى أرساها آباؤها، و تصبح العشيرة ذاتية المحافظة على نفسها و تتحقق السيادة لهذه الأنواع على الموقع، و هو ما يسمى بالغابة الذروية أو الأوجية climax forest.
و في عملية مشابهة يحدث التعاقب المائي hydrarch succssion، حيث تمتلئ البرك الضحلة تدريجياً برواسب من تربة الأراضي المجاورة و المادة العضوية الناتجة من تحلل النباتات المغمورة. و المتحرك بعيداً عن الحافة سيئة الصرف للبركة السبخة إلى الوراء باتجاه الغابة يمر خلال سلسلة من المناطق المشغولة بنباتات متعاقبة ظهرت بمرور الزمن. فمن النباتات المغمورة بالمستنقعات عند حافة الماء إلى الطحالب فالعنيبات ذات الحجم الشجيري فشجيرات السماق السام فالـblack spruce  و الـ American larch ثم أخيراً قيقب المستنقعات والصنوبر الأبيض (أنظر الصورة). و يمثل مركز كل منطقة من هذه المناطق مرحلة متأخرة من التعاقب النباتي، حيث تكون التربة قد أصبحت أكثر جفافاً وتثبيتاً للنباتات، و يكون الظل أكثر كثافة.
و تظل عملية التعاقب مستمرة حتى تصل إلى قمتها أو مرحلتها النهائية وهي الغابة الذروية ما لم يعترضها ما يؤدي إلى إزالة النباتات السائدة في المجموعة مثل القطع الجائر أو الرعي الجائر أو العمليات الزراعية أو الحرائق أو الأعاصير، إلاّ أنّ إيقاف هذه العمليات  قد يسمح ببدء مرحلة جديدة من التعاقب. هذا و تختلف بعض مراحل التعاقب من بيئة إلى بيئة أخرى، كم قد تختفي بعض المراحل (خاصة المراحل الأولى) في بيئة دون الأخرى.

ثانياً: توزيع الغابات في العالم

تقدر مساحة الغابات في العالم بـ 3454 مليون هكتار و تشغل حوالي 26,6 من مساحة اليابسة، منها حوالي 1493مليون هكتاراً في الدول المتقدمة، بنسبة 23,43 % و 1961 مليون هكتاراً في الدول النامية، بنسبة 56,77 % (منظمة الأغذية و الزراعة 1997). ويختلف توزيع الغابات من قارة إلى قارة كما تتفاوت مساحة الغابات بينها. فتقدر مساحة الغابات في أمريكا اللاتينية و جزر الكاريبي بـ950 مليون هكتار (27,5 % )، يليها جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بـ816 مليون هكتار (23,6%) ثم آسيا بـ 565  مليون هكتار (16,4%)، فإفريقيا بـ520 مليون هكتار (15,1%)، فشمال أمريكا بـ457 مليون هكتار (13,2 %)، و أخيراً أوروبا بـ146 مليون هكتار (4,2 %) (منظمة الأغذية و الزراعة 1997). و يشمل هذا الإحصاء الغابات الطبيعية و الغابات المنزرعة بواسطة الإنسان، حيث أنه في معظم الدول المتقدمة تتكاثر الغابات طبيعياً و صناعياً تحت نفس الوحدة الإدارية ممل يجعل من الصعب عزل المجموعتين. لكن هذا التفريق قد يكون أكثر سهولة في الدول النامية. و يقع60 % من غابات العالم  في سبع دول فقط و هي مرتبة تنازلياً الاتحاد الروسي والبرازيل وكندا و الولايات المتحدة الأمريكية و الصين و إندونيسيا و زائير. و تقدر الغابات المخروطية بحوالي 35 % من جملة مساحة الغابات في العالم، و غابات المناطق الاستوائية بحوالي 49% ، أما غابات ذوات الورق العريض في المناطق المعتدلة فنسبتها حوالي 16 %. و بعد الانخفاض الهائل في مساحة الغابات خلال عقدي الستينيات و السبعينيات من هذا القرن ،  تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن استزراع الغابات في الوقت الحالي يشهد تزايداً مطرداً، حيث تم خلال عام 1995 زراعة مساحة حوالي  81 مليون هكتاراً في الدول المتقدمة، في حين قدرت مساحة الغابات المضافة في هذه الدول في عام1980 بحوالي 40,2 مليون هكتارأً فقط.


ثالثاً: تقسيم الغابات

يحدد المناخ و التربة ظهور الأنواع المختلفة من الغابات على سطح الكرة الأرضية، سواء كانت غابات مفتوحة أو مغلقة، مستديمة الخضرة أو متساقطة الأوراق، مخروطية أو عريضة الأوراق، نقية أو مختلطة. و لهذا تختلف أنواع الغابات باختلاف خط العرض و بالارتفاع عن سطح البحر (أنظر الصورة). و قد توجد الغابات متساقطة الأوراق في كل القارات، و لكن تختلف الأنواع المكونة لكل غابة من مكان إلى مكان آخر. كما أن هناك أجناساً معينة غالباً ما تميز الغابات المنفصلة من كل نوع من أنواع الغابات، وينطبق ذلك بصفة خاصة على غابات المناطق الباردة في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية. و تختلف غابات نصف الكرة الجنوبي اختلافاً كبيراً في تركيبها عن غابات نصف الكرة الشمالي.

و يضم التوزيع التقليدي لغابات العالم ، والذي يعتمد على اختلاف المناخ ، ثلاثة أنواع هي الغابات المخروطية و غابات المناطق المعتدلة ذات الأشجار عريضة الأوراق و غابات المناطق الاستوائية. إلا أنه نظراً لإمكانية التعرف على أنواع أكثر تميزاً من حيث التكوين النوعي والخصائص البيئية في معظم أنواع الغابات (أنظر الصورة)، فقد تم وضع أكثر من تقسيم للغابات في العالم، من أهمها ذلك الذي ورد في تقرير منظمة الأغذية والزراعة FAO) ) التابعة للأمم المتحدة التابعة للأمم المتحدة سنة 1971، و يشمل هذا التقسيم ستة أنواع رئيسية من الغابات، سنوردها فيما يلي بالإضافة إلى مناطق الغابات ذات المميزات الخاصة ببعض هذه الأقسام كما يلي:
1-الغابات المخروطية الشمالية
تشغل الغابات المخروطية الشمالية أجزاءً كبيرة من شمال آسيا و أوروبا و أمريكا الشمالية. وتعتبر أكثر مناطق الغابات كثافة في قارتي آسيا و أوروبا ، و يطلق عليها  taiga (و تعني بالروسية غابات الصنوبر السبخة)، في حين تسمى في أمريكا الشمالية   forests   boreal. وتمتد هذه الغابات في آسيا و أوروبا من Sakhalin  و Hokkaido  على شاطئ المحيط الهادي شرقاً مروراً بسيبيريا و الجزء الأوروبي من روسيا وحتى الهضبة الاسكندنافية. و في أمريكا الشمالية تمتد عبر كندا، من  كيبيك في الشرق حتى البرتا و كولومبيا البريطانية في الشمال الغربي، إلى أن تصل إلى بحر بيرنج، و تستمر في امتدادها خلفه في اتجاه الغرب عبر سيبيريا إلى أن تصل إلى شمال السويد، يحدها من الشمال غابات التندرا الخالية من الأشجار. 
و تتشابه الغابات المخروطية في  آسيا و أوروبا بصفة عامة في تكوينها النوعي مع غابات أمريكا الشمالية، و لكنها تختلف عنها في أمرين مهمين. ففي آسيا و أوروبا، و على وجه الخصوص في الدول الاسكندنافية وفنلندا و الجزء الأوروبي من روسيا، تمتد الغابات المخروطية في شكل غابات مفتوحة إلى شمال الدائرة القطبية، في حين قد تصل الغابات المخروطية الشمالية في أمريكا الشمالية بالكاد إلى القطب الشمالي، و من الجهة الغربية فقط. و تعتبر الغابات المخروطية في آسيا وأوروبا أغنى في عدد الأنواع و فيها larch  و spruce و fir ،كما تتميز بأنها الامتداد الشمالي لـ scotsh pine و هو أكثر أنواع الصنوبر و جوداً في العالم. و تتميز أيضاً بظهور بضعة أنواع من الصنوبر الأبيض في أقصى الشمال. و كما في أمريكا الشمالية، تحتوى غابات آسيا و أوروبا المخروطية العديد من أنواع القضبان birch و الحور poplar والصفصاف  .willow وتعتبر الغابات المخروطية الشمالية في آسيا و أوروبا أكبر مناطق الغابات المخروطية في العالم، وهي المنتج الرئيسي للخشب المنشور و لب الورق، خاصة قسمها الغربي (غرب الأورال)، حيث يعتبر scotsh pine أهم نوع تجاري في هذا المضمار. و قد قامت صناعة لب الورق في أمريكا الشمالية أساساً على spruce  ثم حديثاً على fir و jack pine. و رغم انخفاض معدل نمو أشجار هذه الغابات بسبب قصر موسم النمو و قلة خصوبة التربة و رقة سمكها و سوء تصريف الماء بها، إلاّ أنّها تعتبر أهم مصادر الخشب الفعلية و المحتملة في العالم. و تعتبر الغابات المخروطية الشمالية أكبر مناطق البراري في العالم، كما أنّها تظهر في أماكن أخرى كثيرة جنوب حدودها الجنوبية، خاصة على المرتفعات العالية مثل غابات المحيط الهادي في آسيا و أمريكا الشمالية وغابات جبال روكي في أمريكا الشمالية.

 

غابات المحيط الهادي المخروطية

منطقة غابات المحيط الهادي المخروطية في آسيا و أوروبا عبارة عن مساحات صغيرة نسبياً في امتدادها و هي متناثرة في اليابان وكوريا و الساحل الجنوبي لسيبيريا. و تقع في مناطق جبلية التضاريس ذات مناخ ساحلي معتدل إلى حد ما و يوفر بيئات مناسبة لنمو عدد كبير من أنواع المخروطيات وذوات الورق العريض معاً. وتشمل المخروطيات في هذه المناطق معظم الأجناس الموجودة في غربي أمريكا الشمالية مثل أنواع  fir وlarch   و spruce وpine وhemlock و كذلك Douglas-fir. و لقد انحصرت هذه الغابات في المنحدرات والأراضي العالية نظراً للضغط الشديد للإنتاج الزراعي عليها.
و تشغل غابات المحيط الهادي المخروطية الجزء الشمالي الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية، وبامتداد سواحلها الغربية حتى شمال غربي كندا، حيث تغطي السفوح الغربية لسلسلة جبال روكي التي تستقبل كميات كبيرة من الأمطار والثلوج، إلاّ أن شتاؤها أقل حدة من شتاء السهول الداخلية. هذه الاختلافات المناخية أدت إلى تكوين غابات ذات أشجار أعلى في الارتفاع و أكثر كثافة قرب شاطئ المحيط الهادي، كما تسببت في وجود بعض الاختلاف في التركيب النوعي بين منخفضات المحيط الهادي و غابات جبال روكي. و تمتد غابات المحيط الهادي من جنوب شرقي  ألاسكا و بمحاذاة السواحل الغربية حتى كاليفورنيا، و في سلسلة موازية من الداخل تضم مرتفعات سييرا (كاسكادا-سييرا) وواشنجتون و أوريجون و كاليفورنيا وجبال جنوبي كاليفورنيا. و تسود هذه الغابات أشجار أنواع من المخروطيات مثل spruce وDouglas-fir وwestern red cedar  ، والتي قد تصل أطوالها إلى 110 متراً، كما أن هناك بعض أنواع عريضة الأوراق المهمة ، خاصة في الجزء الجنوبي من المنطقة، مثل البلوط. و تعتبر غابات المحيط الهادي ضمن أهم أنواع الغابات في العالم، فمناخ مناطقها يساعد على نمو الخشب بمعدلات عالية،  و تعتبر صناعة منتجات الغابات في منطقة غابات المحيط الهادي من أهم الصناعات التي تستقطب أعداداً كبيرة من العاملين في كولومبيا البريطانية بكندا و ولايتي واشنجتون و أوريجون في الولايات المتحدة الأمريكية.
 
غابات جبال روكي
تمتد سلاسل جبل روكي من جنوب غرب كندا و بمحاذاة الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية حتى المكسيك حيث تتحول إلى سييرا-مدري و التي تنشق إلى جزأين شرقي و غربي في المنطقة الجافة من شمال المكسيك. و تنقسم هذه المنطقة إلى عدة تحت-مناطق تشمل غربي كندا وشرقي واشنجتون و شمال شرقي أوريجون و إيداهو و ويومنج (جبال روكي المركزية) و يوته وكولورادو و جنوبي جبال روكي في أريزونا و نيو ميكسيكو و ولايات المكسيك الشمالية. و لا تكوِّن غابات جبال روكي غطاءاً متصلاً كما هو الحال في مناطق الغابات الأخرى، إلاَّ أنَّ هناك الكثير من المجموعات الشجرية المتفرقة، خاصة من أنواع  lodgebole pine وEngelmann spruce و التي غالباً ما تصبح كثيفة إلى درجة كبيرة. و هذا التناثر الطبيعي لغابات جبال روكي هو نتيجة للتوزيع غير المتساوي للأمطار في المنطقة.
و تسود غابات جبال روكي أنواع من المخروطيات، و رغم ذلك يكوّن Quaking aspen مجموعات كثيفة في شمال و منتصف غابات جبال روكي، و أيضاً في عدد من الغابات على المرتفعات العالية في الجزء الجنوبي من سلسلة جبال روكي. إلاّ أنّ أهم مظاهر تكوين هذه الغابات بصورة عامة هو ذلك العدد الكبير من أنواع الصنوبر.
الأهمية الرئيسية لغابات جبال روكي هي حماية مصادر الماء، إلاّ أن لرعي الأبقار و الأغنام  أيضاً أهمية تاريخية في ربوع هذه الغابات، و بصفة خاصة في مجموعات  ponderosa pine الأكثر انفتاحاً. و منطقة غابات جبال روكي ذات قيمة ترويحية مهمة جداً، فهي تضم سلسلة من المتنزهات الوطنية في كندا و الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى عدد كبير من الحدائق المحلية و متنزهات الولايات و الألعاب الشتوية و أماكن قضاء الإجازات.

الغابات صلبة الأخشاب الشمالية
تمتد منطقة الغابات صلبة الأخشاب الشمالية في أمريكا الشمالية إلى الجنوب من الغابات المخروطية الشمالية، و تصل إلى قمة تطورها شمالي البحيرات العظمى، جنوب شرقي كندا و شمالي نيويورك ونيوإنجلاند و تصل جنوبا إلى أجزاء من بنسلفانيا. و الاسم الأكثر وصفاً لهذه الغابات هو غابات الـ hemlock-white pine  صلبة الأخشاب الشمالية. وتسود بها أنواع كلها مهمة في إنتاج الأخشاب مثل   beech و birch maple وhemlock  وoak وred pine ، غير أنّ أكثرها أهمية هو maple red لوجوده بكثرة في هذه المنطقة. و لقد كان الصنوبر الأبيضwhite pine  أكثر الأنواع انتشاراً وقت اكتشاف القارة الأمريكية، إلاّ أنّه قد حل محله تدريجياّ  spruce و fir وbirch و أنواع أخرى عريضة الأوراق، و ذلك لأنه كاد أن ينقرض بسبب الاستعمال المكثف من قبل البحرية البريطانية لأخشابه في صناعة السفن و القوارب، وبسبب التوسع الزراعي للمستعمرين الجدد، وأيضاً بسبب الحرائق. و قد امتدت صناعة الورق داخل منطقة غابات عريضة الأوراق الشمالية اعتماداً على غابات spruce  و fir القديمة في المنطقة ثم على غاباتها الصغيرة التي حلت محل الصنوبر الأبيض فيما بعد. و قد أصبح للـ jack pine  مكانة خاصة لدى المهتمين بالصنوبر الأبيض و الصنوبر الأحمر، و هو الآن ذو أهمية كبيرة في صناعة عجينة الورق في الجزء الغربي من منطقة هذه الغابات في أمريكا الشمالية. و لوقوع هذه الغابات في منطقة ذات كثافة سكانية عالية فهي ذات قيمة كبيرة كمناطق استجمام و كذلك في توفير الماء.


2 - غابات عريضة الأوراق المركزية

تنقسم غابات عريضة الأوراق المركزية في آسيا و أوروبا إلي منطقتين مختلفتين إلي حدٍ كبير ومنفصلتين بواسطة الانحدارات الهائلة و المناطق الصحراوية في أواسط آسيا و شرق أوروبا. تغطي الغابات عريضة الأوراق المركزية الغربية بشكل أساسي أوروبا الغربية وبريطانيا، بينما تضم المنطقة الشرقية معظم شرق الصين. و تضم الغابات عريضة الأوراق المركزية في غربي أوروبا عددا أقل من ذلك الموجود في شرقي آسيا و شرقي أمريكا الشمالية. فيوجد أكثر من 24 جنساً من الأشجار والشجيرات في أمريكا الشمالية و غابات شرقي آسيا و ليس لها وجود في غابات غربي أوروبا، حيث أنها انقرضت تقريباً نتيجة التجميد. و مازالت غابات ذوات الورق العريض في غربي أوروبا، و بعد مئات السنين من عمليات القطع المكثفة تلعب دوراً مهماً في إنتاج الخشب. كما أنها من الناحية التاريخية تعتبر مهد علوم الغابات، فلقد ولدت ومورست علوم إدارة الغابات وتنميتها بغابات ذوات الورق العريض في غربي ووسط أوروبا، في الوقت الذي لعبت فيه معظم غابات شرق آسيا دوراً جزئياً كمصدر للخامات الصناعية وذلك لصعوبة الوصول إليها. وتوجد غابات ذوات الورق العريض في أمريكا الشمالية في 24 ولاية، تشغل معظم شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية، و إلى الشرق من مناطق السهول العظمى. و على الرغم من أنّ هذه المنطقة تضم حالياً مساحات كبيرة من الأراضي الخالية من الغابات، إلاّ أنّها تعتبر أكبر مناطق الغابات في الولايات المتحدة الأمريكية. و يوجد بغابات عريضة الأوراق المركزية أكثر من مائة نوع من الأشجار المحلية، يعتبر البلوط أهمها من حيث العدد و الأهمية. و أهم التغييرات التي حدثت في التركيب النوعي لهذه الغابات خلال هذا القرن هو انقراض القسطل الأمريكي نتيجة لإصابته بالآفات وإحلاله بالبلوط و الحور الأصفر. كما تضم هذه الغابات أيضاً أنواع الزان الأمريكي و الدردار الأمريكي و القيقب الأحمر و السكري و الزيزفون الأمريكي و غيرها. تقع أكثر مناطق أمريكا الشمالية من حيث الكثافة السكانية و الأنشطة الصناعية في نطاق الغابات عريضة الأوراق المركزية، لذلك فقد تأثرت هذه الغابات وبطريقة مباشرة بحاجة و رغبة المراكز المدنية أكثر من أي منطقة أخرى من مناطق الغابات في هذه القارة. وهذه الغابات ليست كثيفة في الولايات المتحدة الأمريكية كمنطقة غابات المحيط الهادي مثلاً، و لكنها برغم ذلك توفر الخشب الصلد الذي تقوم عليه صناعة أثاث كبرى، وكذلك المواد الخام لتصنيع المنصات الخشبية التي تستخدم في تداول و تخزين المواد، و التي زاد الطلب عليها مؤخراً.
و قد استبدلت زراعات الصنوبر ببعض الأنواع عريضة الأوراق لإنتاج عجينة الورق في بعض أجزاء هذه المنطقة. و لهذه المنطقة أهمية كبرى تنبع من الدور الذي تلعبه في حماية مصادر الماء، وكونها أكبر منطقة ترويحية ذات إمكانيات عالية في العالم، يقصدها الناس للتمتع بجمال الطبيعة والتنزه بالقوارب و ممارسة صيد الأسماك.

غابات البلوط ـ الصنوبر (الجنوبية)
تقع منطقة غابات البلوط ـ الصنوبر (الجنوبية) بمحاذاة سواحل جنوب الأطلنطي و خليج المكسيك و تمتد باتجاه الغرب إلى داخل شرقي تكساس و أوكلاهوما، كما تضم منطقة بيدمونت و منطقة التلال الرملية في ولايتي كارولينا الشمالية و الجنوبية، و تتداخل معها عند ساحل خليج المكسيك ’’غابات صلدة الأخشاب السفلى’’ التي تحيط بالجزء الأسفل من نهر المسيسيبي. و قد زرعت هذه المنطقة بأشجار الصنوبر و على نطاق واسع، لدرجة أنّ أكثر من نصف زراعات الصنوبر الحالية نمت من بذور أنتجت في مشاجر خاصة ذات أشجار فائقة مختارة. و تضم هذه الغابات أنواع عديدة من البلوط بجانب أنواع الصنوبر.

الغابات عريضة الأوراق السفلى
تتناثر الغابات عريضة الأوراق السفلى بطول السواحل الوسطى للمحيط الأطلنطي و خليج المكسيك و تشغل بعض الأجزاء السفلى من وادي نهر المسيسيبي. و بالرغم من معرفة العديد من أنواع غابات هذه المنطقة اعتماداً على نوع التربة و طريقة الصرف، إلاّ أنّه يمكن تقسيمها إلى مجموعتين كبيرتين هما المستنقعات (مثل Great Dismal و Okefenokee) و السهول الغدقة التي عندها تصل دلتا نهر المسيسيبي إلى أقصى اتساع لها. و ينتشر بهذه الغابات ثلاثة أنواع من المخروطيات و هي Bald cypress و يوجد في المستنقعات، و Atlantic white cedar وpond pine اللذان يظهران في مجموعات نقية. أما أنواع عريضة الأوراق الموجودة في هذه الغابات فمنها القيقب الأحمر و القيقب السكري و الدردار الأخضر و عدة أنواع من البلوط. أهم منتجات الغابات عريضة الأوراق السفلى هو الخشب المنشور و القشرة التي تستخدم في صناعة الأثاث و الألواح. كما تستخدم حالياً زراعات الـ sycamore في إنتاج عجينة الورق. و للغابات عريضة الأوراق السفلى قيمة ترويحية كبيرة تعتمد على وجود الماء بصفة أساسية.
3 الغابات الجنوبية المختلطة
تغطي الغابات الجنوبية المختلطة عدداً من المناطق الدافئة (ما عدا المناطق تحت الاستوائية) من  نصفي الكرة الشمالي و الجنوبي. و منطقة الغابات الأساسية في هذه المجموعة هي غابات البحر المتوسط، بالإضافة إلى مساحات صغيرة من سواحل كاليفورنيا وشيلي، و كذلك بضعة مناطق ساحلية من استراليا. توجد هذه الغابات في مناخ بحري معتدل، و تتعرض لسقوط الثلج على فترات و تسودها درجة حرارة قلما تقل عن -10 درجات مئوية، و أمطار متوسطة إلى قليلة تظهر عادة في الشتاء، و هذا هو ما يعرف بمناخ البحر المتوسط.

غابات البحر الأبيض المتوسط

تمتد غابات البحر المتوسط حول ساحل البحر المتوسط باستثناء سواحل ليبيا و مصر التي يلتقي فيها الساحل بصحراء أو منحدرات، كما تمتد أيضاً إلي أجزاء من السواحل الجنوبية و الشرقية للبحر الأسود، و على امتداد ساحل المحيط الأطلنطي للمغرب، وجنوبي البرتغال و أسبانيا. ومعظم غابات البحر المتوسط من أنواع الأشجار عريضة الأوراق دائمة الخضرة. و إنتاج الخشب غير ذو أهمية في غابات البحر المتوسط، ما عدا في بعض المجموعات في المرتفعات العالية. و رغم ذلك فقد استغلت هذه الغابات استغلالاً مكثفاً في أغراض أخرى، حيث استعملت معظم الأنواع الشجرية في إنتاج الوقود، و خاصة البلوط الذي يعتبر المادة الخام الرئيسية لمنتجات الفحم المحلية. و كثير من أنواع الأشجار في هذه الغابات ذات أهمية من الناحية الغذائية كالزيتون، و الذي ينتج أيضاً خشباً ممتازاً من حيث صلاحيته للحفر، و هناك أيضاً القسطل و الكريز والبندق و الخروب. و يعتبر البلوط الفليني أساس صناعة الفلين الكبرى خاصة في البرتغال و غربي البحر المتوسط، كما تستخرج من الصنوبر الأسود الصموغ و القار والتربينات. و غابات البحر المتوسط ذات قيمة ترويحية عالية، حيث تعتبر منطقة صناعة سياحية تجتذب الزائرين الراغبين في التمتع بدفء الشمس. إلا أن الرعي الجائر بواسطة الأغنام و الماعز يسبب ضرراً بالغاً لهذه الغابات في الوقت الحالي.

غات كاليفورنيا و شيلي الساحلية

يقع كل من ساحل كاليفورنيا الأوسط و جزء من ساحل شيلي، على نفس المسافة تقريباً من خط الاستواء و كلاهما يسوده مناخ البحر المتوسط. و تتميز غابات ساحل كاليفورنيا بجمال أشجارها، وخاصة  Monterey pine  (Pinus radiata)و هو النوع ذو الإنتاجية العالية من الخشب في مختلف مناطق البحر المتوسط، كما ثبت نجاحه أيضاً جنوب العاصمة سانتياجو في شيلي.

غابات السواحل الأسترالية

تنحصر الغابات الجافة الصيفية بقارة استراليا في شريط ضيق يبدأ من المنطقة الاستوائية في كوينزلاند و يمتد جنوباً حول سواحل نيوساوث ويلز و فيكتوريا إلي جنوب شرقي استراليا، كما تقع نصف جزيرة تسمانيا في الغابات الجافة الصيفية. و يسود جنسا الكافور و الأكاسيا هذه الغابات، لاشتمالهما على العديد من الأنواع، فجنس الكافور يضم حوالي 600 نوعاً، معظمها شجيرات أو أشجار صغيرة. إلاّ أنّه قد تم إحلال Pinus radiata ذو الإنتاجية العلية محل الكافور في أكثر المناطق جفافاً في الغابات الساحلية الاسترالية،  بينما تم استبداله بالصنوبر البحري  maritime pine في غربي استراليا. فغابات استراليا إذن استوردت الصنوبر وصدرت مئات الأنواع من الكافور والأكاسيات و أنواع أخرى من الأشجار و الشجيرات التي زرعت في غابات وحدائق أخرى من العالم لها نفس المناخ.

4- الغابات الاستوائية المطيرة

تشكل الغابات الاستوائية حزاماً ينحصر بين خطي 22 درجة شمال و جنوب خط الاستواء، وتوجد على الارتفاعات المتوسطة و المنخفضات، و تتراوح كمية الأمطار الهاطلة عليها  من 2000 إلى 4000 ملليمتر موزعة على مدار السنة. و توجد أكثر مناطق الغابات الاستوائية المطيرة كثافة في حوض نهر الأمازون بشمال البرازيل و الأجزاء المجاورة من الإكوادور وفنزويلا وجوايانا. كما توجد في مناطق أخرى من نصف الكرة الغربي كسواحل البرازيل ودول أمريكا الوسطى و بعض جزر البحر الكاريبي و الجزء الجنوبي من ولاية فلوريدا. وفي الوقت الذي تنحصر فيه الغابات الاستوائية المطيرة في إفريقيا في حوض نهر الكونجو في المنطقة الاستوائية الغربية إلى الجانب الشرقي من مدغشقر تكون مناطق جنوب شرقي آسيا وإندونيسيا وغينيا الجديدة والفلبين و الساحل الشرقي لاستراليا الامتداد الأكبر للغابات الاستوائية المطيرة في شرق الكرة الأرضية. و تقع غابات أمريكا الشمالية الاستوائية في المكسيك و جنوبي فلوريدا. و نتيجة للفروق في التضاريس و التوزيع الموسمي للأمطار هناك ثلاث أنواع من الغابات الاستوائية في المكسيك، الأولى في الجنوب قرب خليج المكسيك، حيث تسقط كمية كبيرة من الأمطار كل شهر، بينما النوع الثاني يتميز بموسم شتاء جاف، و أخيراً غابات البلوط ـ الصنوبر. أما الغابات الاستوائية في فلوريدا فمحصورة في طرف الهضبة و تستقبل كميات كبيرة من الأمطار تتوزع توزيعاً جيداً. أهم الصفا ت المميزة للغابات الاستوائية المطيرة ذلك التنوع الغزير في كل أشكال الحياة فيها. فبين النباتات لا ينحصر التنوع في عدد الأنواع فحسب، بل في أشكال النمو أيضاً، مما ينتج عنه العديد من الطبقات الشجرية و التي تمتلك أوراقاً ذات كفاءة في اقتناص الأشعة الضوئية في الوقت الذي يسود أرض الغابة الظل بدرجة أكبر مما في المناطق الكثيفة بالغابات المعتدلة. لذلك فهذه الغابات تعتبر أكثر الأنظمة البيئية تثبيتاً للكربون في شكل كتلة حيوية على وجه الأرض. إلا أنه حتى الآن لم تستغل هذه الإنتاجية، حيث لم تطبق عليها عمليات التنمية والتقنيات الصناعية المختلفة التي تطبق في المناطق المعتدلة، بل تعرضت الغابات الاستوائية المطيرة للاستخدام الجزئي والمتقطع في صورة استخلاص أشجار معينة من الأنواع ذات القيمة العالية مثل  mahogany و rosewood. و تضم الغابات الاستوائية في أمريكا الشمالية مجموعة كبيرة من الأنواع خاصة الصنوبر، و منها Eastern white pine و الذي يعتبر أكثر الأنواع أهمية في هذه الغابات و كذلك في شرق الولايات المتحدة الأمريكية. و يوجد في هذه الغابات أيضاً أنواع من عريضة الأوراق مثل black cherry و sweet gum.
تكمن أهمية الغابات الاستوائية في أمريكا الشمالية في أنّها مصدر مهم للخشب المنشور و عجينة الورق و التي تنتج أساساً من أنواع الصنوبر المختلفة، كما يستخدم البلوط في المناطق الريفية، خاصة في المكسيك، في إنتاج الفحم لأغراض الطهي. و تعتبر الغابات الاستوائية في فلوريدا ذات قيمة خاصة كنظام بيئي فريد في الولايات المتحدة الأمريكية، و تقع معظمها في منتزه إيفرجلادس الوطني.

5- الغابات متساقطة الأوراق الجافة
يجاور بعض مناطق الغابات الاستوائية المطيرة مناطق تستقبل أمطاراً غزيرة، و لكن في فصل الصيف فقط، مع جفاف مطلق في فصلي الشتاء و الربيع. و قد تطور في هذا المناخ العديد مما يسمى بالغابات متساقطة الأوراق الجافة Drought-deciduous، و من أمثلتها غابات وسط الساحل الغربي في المكسيك، و السفوح الخارجية بشمال جبال الإنديز المجاورة للغابات المطيرة الكثيفة بالبرازيل. وكذلك غابات شمال و جنوب الغابات المطيرة في غربي إفريقيا. إلا أن أقصى درجات التطور في هذا المناخ هو في الهند و ميانمار (بورما سابقاً) و تايلاند، حيث ما يسمى monsoon و هو الأمطار الموسمية الغزيرة التي تنهي جفاف الشتاء. و غابات هذه المنطقة ذات أهمية تجارية كبرى كمصدر لأنواع الساج teak و الـ sal و الخيزران bamboo. و يضم هذا القسم الغابات الطبيعية في جنوب غربي المملكة العربية السعودية، إلاّ أنّه في تقسيم آخر تندرج تحت ما يسمى الغابات الشوكية ( Thorn forests).
 
غابات المانجروف
بالرغم من اقتصار غابات مستنقعات المانجروف على مناطق الماء المالح الساحلية و المجاري الملحية الضحلة في المناطق الاستوائية الرطبة، فهي مجتمعة عبارة عن تكوينات غابية مهمة تضم عدداً من الأشجار و الشجيرات المتأقلمة. و أكثر الأنواع المعروفة منها هو Rhizophora  ذو الجذور الدعامية  و Avicennia  المعروف بنبات الشورى. و تعتبر غابات المانجروف مصدراً لأخشاب الوقود، كما توفر الحماية لمختلف أشكال الحياة البرية.

6-غابات المناطق المعتدلة المطيرة
تنمو الغابات المطيرة بغزارة في المناخ المعتدل حيث التوزيع الجيد للأمطار، و توجد بكثرة في نيوزيلندة و جنوبي شيلي و في بعض مناطق الساحل الأسترالي. و الأنواع المستوطنة في هذه الغابات هي عدد من معراة البذور تضم أعضاء من عائلات Podocarpaceae  وArucariaceae، بالإضافة إلى جنس من مغطاة البذور هوNothofagus    (الزان الجنوبي). و هذه الأنواع ذات قيمة عالية جداً في إنتاج الخشب، إلا أنها لم تثبت حتى الآن تأقلمها مع الطرق التقليدية لإدارة الغابات، باستثناء الأروكاريا و الكافور في استراليا. و تبعاً لذلك فهذه الغابات، خاصة في نيوزيلنده و شيلي كانت مجال تحول على نطاق واسع في زراعات مخروطيات نصف الكرة الشمالي مثل pine Monterey و Douglas-fir ، و كذلك الجزء الأكثر دفأً من الساحل الأسترالي إلى زراعات   slash pine و loblolly pine وCaribbean pine.
غابات جديدة
تشمل هذه الغابات أجزاء من جنوبي إفريقيا و أمريكا الجنوبية و نيوزيلندة لم تزرع بالغابات من قبل،  أو كانت بها مجموعات شجرية ضعيفة الإنتاجية. و قد تم زراعتها بأنواع شجرية غير محلية بهدف إمداد الصناعات المحلية بالمواد الخام. و من هذه الأنواعpine  Monterey و slash pine و loblolly pine و Caribbean pine  و من الأنواع الآسيوية الاستوائية Pinus mekasii و kesiya ، بالإضافة إلى أنواع من الأكاسيا والكافور.


رابعاً: مكانة الغابات الطبيعية في المملكة
 و مستوى التنوع الحيوي فيها
تشغل الغابات الطبيعية جزءاً ضئيلاً من مساحة المملكة العربية السعودية، و مع ذلك فلهذه الغابات أهمية كبيرة لما لها من تأثيرات بيئية واضحة في المنطقة التي تغطيها في جنوب غرب المملكة. و تمتد منطقة الغابات الطبيعية في المملكة من محافظة الطائف شمالاً إلى محافظة جيزان جنوباً، حيث تغطي جبال السروات و التي قد يصل ارتفاعها في بعض المناطق إلى حوالي 2600 متراً فوق مستوى سطح البحر. و تهطل على هذه المنطقة كميات من الأمطار تقدر بـ350  ملليمتر سنوياً، يسقط معظمها في فصل الصيف (عارف 1996)، و لذلك فالغابات الطبيعية في المملكة من الغابات الجافة. و يعتبر العرعر أهم الأنواع التي تضمها غابات المملكة، حيث يمثل 95 % من جملة مساحة الغابات في المنطقة الجنوبية الغربية (عطا الله أبو حسن و آخرون 1984). و يعتقد بعض الباحثين أن مركز نشوء العرعر الإفريقي  Juniperus procera هو تلك المنطقة، و منها هاجر غرباً عبر البحر الأحمر إلى مرتفعات إثيوبيا و منها جنوباً إلى شرق إفريقيا و حتى تنزانيا.  و توجد غابات العرعر في جنوب غرب المملكة غالباً في صورة نقية في الارتفاعات الأعلى من 900 متراً فوق مستوى سطح البحر، ومختلطا مع الزيتون البري (العتم) و الأكاسيا عند الارتفاعات الأقل من ذلك. و تضم منطقة الغابات إلى جانب أشجار العرعر والزيتون البري و الأكاسيات أنواعاً شجيرية مثل الشبارق والشث (الديدونيا) و العثرب وغيرها.
و تعمل الغابات الطبيعية في جنوب غرب المملكة على توفير الحماية للأراضي الزراعية بالمنطقة وتحول دون انجراف التربة بفعل الأمطار و تعمل في نفس الوقت على توزيع و تنظيم جريان الماء، كما أنها تزيد من مخزون الماء في باطن الأرض في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك فوجود الغابات في المنطقة يساعد على تكون السحب و من ثم هطول الأمطار. و لقد ظلت الغابات الطبيعية في المملكة مصدراً مهماً للأخشاب اللازمة للبناء و الطهي و التدفئة على مر الزمن. و قد تعرضت هذه الغابات لسوء الاستغلال و الرعي الجائر والحرائق، فضلاً عن عدم العناية بها من ناحية التربية و التنمية. إلاّ أنّه مع التوسع الزراعي وزيادة الوعي البيئي بصفة عامة بدأت الغابات الطبيعية في المملكة تحظى بالاهتمام، حيث صدرت الأوامر السامية و التشريعات و اللوائح الحكومية لحماية هذه الغابات، كما تبذل إدارة المراعي والغابات بوزارة الزراعة جهوداً متواصلة للحفاظ عليها. و بالرغم من ذلك فمازالت هذه المنطقة الحيوية و التي تمثل نظاماً بيئياً فريداً داخل المملكة تحتاج إلى الكثير من الجهود حتى تظل على عطائها المعهود. و تنحصر العقبات التي تواجه تنمية الغابات الطبيعية في المملكة في قلة عدد المتخصصين في مجال الغابات و ما يترتب عليه من قصور في الإلمام بالدور الرائد للغابات الطبيعية وتأثيراتها الإيجابية في البيئة (مناحي الحياة المختلفة للإنسان و الحيوان و النبات و كذلك تفاعلها مع الأرض والمناخ بما يعظم الاستفادة منهما) و تجاهل لضرورة صيانتها و تنميتها ورعايتها من أجل الحصول على أقصى فائدة منها وباستمرار.

ليست هناك تعليقات:

المشاركات الشائعة