الجرائم التاريخية لحكم جمال عبد الناصر العسكري
24/07/2012 - 1:51pm
ومن هذا المنطلق نقول: إن لكل رئيس أو حاكم مميزات وعيوبًا، والمفترض والمقبول من كل رئيس أن تكون مميزات وإنجازات عهده أضعاف أضعاف عيوبه ومساوئه، وأن تكون أخطاؤه فقط من تلك الأخطاء والسلبيات البسيطة. لذلك فنحن نطرح للدراسة والبحث بعض أشهر جرائم عهد حكم جمال عبد الناصر التاريخية المؤكدة لكل من يبغي الجدال الحنجوري، أو المغالطة للحقائق الدامغة.
ورغم أن الحكم الناصري قد قال في الحكم الملكي الذي سبقه أكثر مما قاله مالك في الخمر، إلى حد تجنيد وتكريس كل الوسائل الحكومية والإعلامية والتعليمية لانتقاد الحكم الملكي السابق، والدفاع الكامل والمستميت عن ناصر.. ورغم استمرار إخفاء أبشع جرائم وأخطاء وأسرار العهد الناصري وحتى الآن، فقد آل الحق عز وجل إلا أن يتكشف هذا العهد عن الجرائم الآتية، وجميعها حقائق تاريخية لا تقبل الجدل، أو المغالطة، أو التهرب، أو التبرير، أو حتى الدفاع عنها.. نذكرها لإحقاق الحق؛ ولله ثم للوطن والتاريخ:
أولاً: جريمة الغدر باللواء محمد نجيب:
وبهذا يكون ناصر هو أول من سنَّ سنن الغدر والخيانة، والتنحية والإقصاء، والملاحقات والمطاردات، والإقامة الجبرية، والاستبداد في مصر بتدمير اللواء محمد نجيب وأولاده وعائلته؛ للانفراد بكافة سلطات حكم مصر.
ثانيًا: جريمة فصل مصر عن السودان:
وبالرغم من أن الوحدة كانت من أكبر وأشهر الأهداف المزعومة لثورة ناصر، فإن ناصر هو أول من أسّس وأيّد وأوجد الحركات الانفصالية فعليًّا في الوطن العربي، وذلك بفصل ونزع السودان عن إقليم مصر والسودان.
ثالثًا: جريمة شنق المفكر المصري والعربي والإسلامي سيد قطب:
وبتلك الجريمة يكون ناصر هو أول من سنّ سنن شنق وقتل المفكرين، مع سنّ جرائم تفصيل التهم، وتزييف الأحكام القانونية، وإلغاء العدل، وتأصيل الدكتاتورية والاستبداد في مصر.
رابعًا: جرائم ملاحقة ومطاردة وإبادة المعارضين:
يعتبر جمال عبد ناصر هو أول من أباح مبدأ مطاردة وإبادة المعارضين لحكمه، وبخاصة الإسلاميون منهم؛ ونظرًا للتكتم الشديد على تلك الجرائم، فلا يُعرف بالتحديد كم كانت أعداد آلاف القتلى في هذه الإبادات التاريخية!!
خامسًا: الجرائم الحنجورية:
يعتبر ناصر هو أول من أسس وسنّ وبذر وأباح في مصر، كافة أساليب خداع وتضليل الشعب المصري والعربي والإسلامي؛ بنشر الكذب والخداع والتضليل، بما أسس لعهد خداع وتشويه وتغييب الوعي المصري والعربي؛ وذلك بالشعارات البراقة، والألفاظ الرنانة، والإعلام الفاسد المضلل، والخطب الغنائية، وخطب الشتائم التي استعان لكتابتها بالكثير من منافقي ومضللي عهده، كأمثال هيكل وغيره، بحيث بدأت عهود التنويم الفكري في مصر، ولشعب مصر..
حتى إنك كنت تستمع لشعارات وأقوال ملائكية رنانة، بالرغم من تناقضها الكلِّي مع واقع الأفعال الشيطانية السائرة، كمثال مواويل الوحدة العربية التي لم تتحقق! ورمي إسرائيل ومَن وراءها في البحر ولم يحدث! وارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعمار!! ومن تجرأ على رفع رأسه قطعوها له!!.. وما إلى ذلك من الأقوال والشعارات الكاذبة، التي سمعها وعاشها وحفظها جميع من عاصر تلك الحقبة الحنجورية الخادعة، والتي زرعت الخداع والتضليل إلى يومنا هذا.
سادسًا: جريمة تدمير الاقتصاد المصري الذي استلمه:
رغم أن العهد الناصري قد جنّد كافة قدراته في تشويه العهد الملكي السابق، فلم يستطع ناصر وبجميع أنظمة حكمه؛ أن يزيف التاريخ أو أن يمحو معالمه، في استلام ناصر لمصر وهي في أزهى عصورها الاقتصادية والحضارية؛ حيث كان الجنيه المصري يعادل ثمانية جنيهات إسترليني، وكان القطن المصري العالمي يُسمّى بالذهب الأبيض، ذلك الطمي والقطن المصري الذي تم شنقهما وإعدامهما بالسد العالي، الذي كان من الأفضل بناؤه عند منخفض القطارة، كما أثبتت كافة البحوث العلمية بعد ذلك؛ ليتم تدمير القطن المصري والزراعة المصرية عصب الاقتصاد المصري؛ لكي يتم تسليم حكم مصر واقتصاد مصر مدينًا وفي أسوأ حالاته.
سابعًا: جرائم سن وتأسيس وتأصيل الدكتاتورية والاستبداد في مصر:
وذلك بإلغاء كافة الأحزاب المصرية، واستبدالها بالاتحاد الاشتراكي وحده، وإلغاء وإرهاب وملاحقة وتصفية المعارضة والمعارضين!! مع ارتكاب جريمة جعل إمامة الأزهر بالتعيين، وليس بانتخاب الشيخ الأجدر والأفضل للمسلمين وللإسلام كما كان من قبل!
وذلك بالإضافة إلى جريمة سنّ وتأسيس وإعادة النزعة الفرعونية، والغرور الفرعوني، وادّعاء الحكمة المطلقة للزعماء والمتحدثين، وذلك يعدّ من أسوأ ما ابتلي به شعب مصر من محن وكوارث نفسية تدميرية، حتى ترسبت أشكال جنون العظمة في معظم قيادات وفئات شعب مصر؛ بالجدل الحنجوري والمغالطة والترهيب وادعاء الحكمة، وإقرار وتأصيل سنن عدم محاسبة الحكام.
وإن قالوا: إنه طَرَد الاحتلال من مصر؟ فقد ترك جمال عبد الناصر مصر بعد تدمير كافة مرافقها وطرقها وحدائقها الغنّاء - خرابًا وإفلاسًا وديونًا وجرائمَ وهزيمة؛ حيث إنه قد سلّم حكم مصر وهي محتلة وخاسرة لسيناء بأكملها! وحتى يومنا هذا.
ثامنًا: بذر بذور الأحقاد والضغائن في مصر:
وذلك بإشاعة العداوات بين الفقراء والأغنياء والأحقاد الطبقية، بزعم أن ناصر يستطيع أن يغيِّر الحكمة الإلهية بأن يساوي ما بين الغني والفقير؛ بالتأميم الزراعي.. وتعتبر تلك الجريمة الاجتماعية من أبشع جرائم ناصر التي ارتكبها في حق شعب مصر، الذي كانت تسوده علاقات المودة والأخوة.
وقد كان يمكنه تقريب الفوارق الاجتماعية فقط لو أنه حاول نشر صور وأساليب العدل والرحمة في البلاد وبين العباد، لا أن يبذر بذور الفتن والأحقاد الطبقية، التي فجّرت مشاعر الأحقاد والضغائن ما بين جموع وطبقات شعب مصر، والمتفشية حتى الآن.. تمامًا وبنفس التطبيق العملي والفعلي للسياسة الاستعمارية المعروفة والشهيرة "فرق تسد".
تاسعًا: جرائم تدخلات ناصر في الشئون الداخلية للشعوب والحكومات العربية:
وقد كان ذلك بإشاعة مزاعم التحرر والحرية في الوطن العربي! فما ذنب شعب ليبيا مثلاً أن يُزاح ملكه العادل السنوسي، وأن يُنصَّب معمر اللقيط الصهيوني بدلاً منه!! ليذيق شعب ليبيا الهوان والأمرَّيْن؛ لمجرد تحويل الحكم إلى جمهورية مساندة فاشلة!
وبالمثل بالتدخل في شئون اليمن لتغيير حكمها بالجيش والعتاد المصري، وما إلى ذلك من كافة تدخلات ناصر في كافة الحكومات العربية؛ لتغييرها ولكن إلى الأسوأ.
عاشرًا: جريمة ترك طغيان وفساد المحاسيب والأصدقاء في حكومته:
بحيث أن ما تم فضحه من فساد لهذه الحقبة عن طريق بعض النساء المعاصرات، وليس الرجال الخائفين والمرعوبين! من فتح مدارس التعريص والتجسس بزعامة صلاح نصر وقواده المعروفين والمشهورين إلى يومنا الحالي، وفتح معاهد وكليات الدعارة على مصراعيها للمشير عامر ورفاقه مع الممثلات والمغنيات والمومسات، وتأسيس بوليس الآداب، فقد كانت بؤرة إفساد مصري وعربي وإسلامي، ما زالت نتائجها وثمارها المسممة منتشرة وإلى الآن.
الحادي عشر: جريمة نكسة 1967:
فبرغم علم عبد الناصر بفساد حاشيته وغرق معظمهم في وحول الرذيلة والدعارة وأحضان الغواني، إلا أنه أصدر قراره بمحاربة إسرائيل؛ ليخاطر بأغلب جيش مصر! لكي تتم إبادة معظم جنود مصر المساكين في سيناء، في ستة أيام فقط! كما يتم تدمير معظم العتاد والسلاح المصري في أيام قلائل وسط الغرور والعنجهية؛ والكذب والخداع الناصري!
فما ذنب جنود مصر أن يبادوا بفعل قيادة مستهترة وفاسدة وفاشلة؟! وبأن يقادوا إلى مذبحة ومجزرة نكسة الجيش المصري؟!
الثاني عشر: جريمة اغتيال المشير عبد الحكيم عامر دون محاكمة عادلة:
وهي جريمة قانونية يعاقب عليها الشرع والقانون تمامًا كمثل الجرائم السابقة؛ باغتيال رفيقه وصديقه وشريكه وزميله في الضباط الأحرار وأقرب المقربين إليه؛ وذلك بالسم، الذي أطلق العنان لجميع جرائم القتل بالسم وغير السم التالية في مصر!! وغير المحصورة العدد أو الأدلة!
الثالث عشر: سن وبذر وتأسيس وتأصيل الخدع المسرحية والسينمائية السياسية في مصر:
وذلك بدءًا من افتعال حادث تمثيلية المنصة الشهير؛ لتوفير المبرر لإبادة المعارضة وبخاصة الإسلاميون، وصولاً لتمثيلية إعلان التنحي مع إصدار الأوامر للاتحاد الاشتراكي وللمدارس والمصالح الحكومية للخروج في المظاهرات؛ لرفض هذا التنحي في 24 ساعة!!
وبعد، فهذه أشهر الجرائم التاريخية المؤكدة لحكم جمال عبد الناصر في حق مصر وشعب مصر، وفي حق الوطن العربي، والوعي العربي.. ندرجها كمحاولة لإعادة الوعي المصري والعربي إلى أسس الحق والعدل، والتفكير المنطقي؛ لرفض وإخراس صيحات الجدل والمغالطات الحنجورية.
وما دامت كل تلك الجرائم هي حقائق تاريخية مؤكدة، فهل تلك الجرائم والحقائق التاريخية المؤكدة تستحق وتستوجب محاكمة وإدانة مرتكبيها؟ أم تستوجب أن يُصنع "تمثال" لمرتكبها كإلهٍ يعبده ويقدسه معظم الناصريين المغرَّر بهم بحكم وسائل الإعلام الخادعة والمضللة والمغرضة، التي أسسها نفس النظام الفاشل؟!..
وتولتها بعد ذلك قيادات المرتزقة من الناصريين المنتفعين، والذين جعلوا من الناصرية مهنة ووسيلة للارتزاق والكسب والنهب والشهرة برفع وتسويق الشعارات الثورية والزعامية الرنانة الخادعة، كوسيلة للكسب غير المشروع، والشهرة الزائفة المضللة عن طريق الجدال الأجوف المغالط، وبادعاء الزعامة الكاذبة، والحكمة الحمقاء؛ لاستنزاف وتغييب الوعي العربي بمساندة ومعاونة ودعم وتأييد الأنظمة الحاكمة التي تسير على نفس نهج البطش والفساد، والمستفيدة من استمرار غياب وتضليل الوعي المصري والعربي مثل المجلس العسكري.
ولما كان كل ما بُني على باطل فهو باطل؛ فمثلما انهارت جميع ثورات ناصر تباعًا، كحقائق تاريخية مؤكدة؛ فإن رجوع الوعي المصري والعربي إلى إحقاق الحق والعدل، يعتبر الخطوة الواجبة لإنهاء مفاسد وجرائم تلك الحقبة التاريخية الفاسدة؛ وحتى لا يستمر أحفاد العسكرية المصرية في وراثة تلك الجرائم والأساليب الدكتاتورية والاستبدادية، بحكم الاستناد التبريري الخادع لذلك العهد المجرم الفاشل؛ وذلك بوجوب إعادة تحكيم العدل والقانون والدين والمنطق، بدلاً من أحكام الطوارئ والأحكام العرفية العسكرية.. والذي يعدّ الخطوة الأولى الواجبة نحو إزهاق الباطل، ومحو الظلم والظلام، سواء في مصر أو في العالم العربي قلب الإسلام النابض..
ليحق الله الحق بآياته، والله غالب على أمره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق